Minggu, 11 Maret 2012

AL QUR'AN DI MASA NABI, SAHABAT DAN TABI'IN

القران في عهد النبي والصحابة والتابعين
بحث علمي مقدم لاستيفاء بعض المتطلبات الجامعية
في مادة: علوم القران
تحت إشراف: الدكتور النجيب الماجستير




قدمه الطالب:
محمد سبيل الرشاد
D02211017رقم القيد:

قسم تعليم اللغة العربية
كلية التربية
جامعة سونان أمبيل الإسلامية الحكومية سورابايا
عام 2012









التمهيد

بعد حمد الله والثناء عليه صلوات الله وسلامه على المصطفي رسوله، بداية نقدم الشكر وعظيم التقدير والعرفان لصاحب الفضيلة المحاضر المراقب لمادة علوم القران على حرصه في إنجاز عملية التربية والتعليم بقسم تعليم اللغة العربية كلية التربية جامعة سونان أمبيل الإسلامية الحكومية.
ونشكر أيضا على صدقه في تكليف هذه الأمانة الكبرى ومن هنا هي القاء المحاضرة عن علوم القران في زمن النبي والصحابة والتابعين، وهذا هو الأساس المتين في جعل التلاميذ وتكوينهم قادة المستقبل الباهر ورجالا مثقفين عالمين عاملين نحو المعمومات المستودعة لهم.

الكاتب
سبيل الرشاد

محتويات البحث

II
III
 
التمهيد ................................................................ 
محتويات البحث ........................................................
الباب الأول: مقدمة البحث .............................................  1
أ. المقدمة .....................................................  1
ب. توضيح البحث ............................................  1
الباب الثاني: عرض الموضوع .............................................  2
أ. تعريف القران الكريم .........................................  2
ب. تعريف علوم القران ........................................  3
ج. القران في عهد النبي ......................................... 4
1. تنزيلات القران ........................................ 4
2. جمع القران ........................................... 7
3. ترتيب الأيات والسور ................................. 9
د. القران في عهد الصحابة ..................................... 9
1. عهد أبي بكر الصديق ................................. 10
2. عهد عثمان ابن عفان ................................. 13
3. عهد علي ابن أبي طالب .............................. 16
ه. القران في عهد التابعين ...................................... 17
الباب الثالث: الاستنباط ................................................ 19
أ. الاستنتاج ........................................................... 19
ب. الخاتمة ............................................................ 21


مراجع البحث ......................................................... 22



الباب الأول
مقدمة البحث
أ‌.       المقدمة
القران الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة التي لا يزيدها التقدم العلمي إلا رسوخا في الإعجاز، أنزله لله على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط المستقيم. فكان صلوات الله وسلامه عليه يبلغه لصحابته فيفهمون بسليقتهم، واذا التبس عليهم اية من الأيات فهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها.
ب. توضيح البحث
 مما رأينا من الوقائع والحوادث الموجودة في عالم الحديث، نجد فيها كثيرا من الأراء في شأن القران وما حوله من شتى المفهوم بمختلف أنواعه. ومن ثمّ للسلف الصالح له ما امتاز عن غيرهم من التوضيح والبيان نحو ما يدور حول القران الكريم في زمن النبي والصحابة ثم التابعين.





الباب الثاني
عرض االبحث
أ‌.       تعريف القران الكريم
          القرآن أو القرآن الكريم هو الكتاب المقدس الرئيسي في الإسلام، والذي يؤمن المسلمون أنه كلام الله المنزل على النبي محمد للبيان والإعجاز، المنقول عنه بالتواتر والذي يتعبد المسلمون بتلاوته وهو آخر الكتب السماوية، بعد التوراة والإنجيل[1]، كما يعد أكثر الكتب العربية بلاغة. ويحتوى القرآن على 114 سورة تصنف إلى مكية ومدنية وفقًا لمكان وزمان نزول الوحي بها. ويؤمن المسلمون أن القرآن أنزله الله على لسان الملاك جبريل إلى النبي محمد على مدى 23 سنة تقريبًا، بعد أن بلغ النبي محمد سن الأربعين، وحتى وفاته عام هـ/632م[2]. كما يؤمن المسلمون بأن القرآن حُفظ بدقة، على يد الصحابة، بعد أن أملاه الوحي على النبي محمد، وأن آياته محكمات مفصلات وأنه يخاطب كافة الأجيال كافة في كل القرون، ويتضمن كل المناسبات ويحيط بكل الأحوال. وفي قول اخر انه كلام الله المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين بواسطة الأمين جبريل عليه السلام المكتوب في المصاحف المبدوء بسورة الفاتحة المختتم بسورة الناس.


محمد عبد العظيم الزرقاني، مناحل العرفان في علوم القران، الجزء الرابع (بيروت: دلر الفكر،1966م) ص.4  [1]
نفس المرجع[2]





تعريف علوم القران
        تعد كثيرا الدراسة عن القران من المباحث المتعلقة بالقران نفسه، وفي مصطلحات العرب تسمى بعلوم القران. اما عن قول "علوم القران" فهو من شكل الإضافة من حيث أنه يتكون من كلمة "علوم" و"القران"، والعلم الذي يقال له المعنى جمع من العلم اى الفهم .
        ومن ثم نأتي بقول ان علوم القران هي كل العلوم تدور حول القران الكريم إما كونها عن أحوال القران او ناسخ ومنسوخ وما أشبه ذلك، ويأتي بيانا وتأييدا لهذا عالم من علمائنا الزرقاني يقول:
"والذي يراد بعلوم القران هي مباحث تتعلق بالقران الكريم من ناحية نزوله وترتيبه وجمعه وكتابته وقرانه وتفسيره وإعجازه وناسحه ومنسوحه ودفع الشبه عنه ونحو ذلك".[1]
        وأشار اليه مناع قطان بقوله:
"انها العلم الذي يتناول الأباحث المتعلقة بالقران من حيث معرفة أسباب النزول وجمع القران وترتيبه ومعرفة المكي والمدني ... إلخ".[2]

ج. القران في عهد النبي
1.   تنزيلات القرآن
                اختلف علماء المسلمين في طريقة نزول القرآن، فمن الآيات ماتثبت نزول       القرآن جملة ومنها مايثبت نزوله منجماً. وعلى هذا فإن القرآن مر بعدة تنزيلات   منها ماهو جملة ومنها ماهو منجما في مراحل تنزيله من الله إلى الرسول محمد.
أ‌)       نزول القران جملة واحدة
                نزل القرآن أولاً من الله تعالى إلى اللوح المحفوظ، ويقصد بهذا النزول ليس نزول علوٍّ وسفل بل يقصد به إثباته في اللوح المحفوظ واعتماده غير قابل للتغيير وحكمة هذا النزول ترجع إلى الحكمة من وجود اللوح نفسه، فإنه السجل الجامع لما كان وما سيكون إلى يوم القيامة.[3] ذكر العلماء الدليل على هذا النزول من القرآن:بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ.
                نزل من اللوح المحفوظ إلى مكان يسمى بيت العزة في السماء الدنيا جملة واحدة في ليلة القدر[4]: ودليله من القرآن: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. وفي سورة القدر: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. ومن الأحاديث عن ابن عباس أنه قال:"فُصِّلَ القرآن من الذكر"-يعني اللوح المحفوظ- فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، فجعل جبريل ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم". وقد نقل أبو شامة      المقدسي في كتابة المرشد والوجيز عن هذا النزول فقال:
 "وقال جماعة من العلماء: نزل القرآن جملة واحدة في ليلة من اللوح المحفوظ إلى بيت يقال له بيت العزة، فحفظه جبريل عليه السلام وغشي على أهل السموات من هيبة كلام الله، فمر بهم جبريل وقد أفاقوا فقالوا: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾، الحق يعني القرآن فأتى به جبريل إلى بيت العزة فأملاه جبريل على السفرة الكتبة، يعني الملائكة وهو قوله سبحانه وتعالى بِأَيْدِي سَفَرَةٍ "نقلته من كتاب "شفاء القلوب" وهو تفسير علي بن سهل النيسابوري".[5]


نفس المرجع، ص.9[1]
مناع قطان، مباحث في علوم القران (مصر: منشورات العصر الحديث،2000م) ص.15[2]
قريش شهاب، التاريخ ومقدمة في علوم القران (جاكرتا: مطبعة فردوس، 1999م) ص. 21[3]
نفس المرجع[4]
أبو شامة المقدسي، المرشد والوجيز (بيروت: دار الكتب العربية، 1987م) ص.24[5]




أ‌)       نزول القران منجما
                ومن بيت العزة نزل به جبريل على قلب الرسول محمد منجَّمًا أي "مُفرَّقًا" في    نحو ثلاث وعشرين سنة على حسب الوقائع والأحداث، ومقتضيات الأحوال،[1] ودليل ذلك من قَالَ: كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ. وهو الكتاب الوحيد من الكتب السماوية الذي نزل منجماً بدليل: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا. وقد استنبط العلماء       الحكمة من نزول القرآن بشكل متفرّق خلاف بقية الكتب السماوية وذكروا له عدة حكم منها:
               أوّلا: تثبيت قلب النبي محمد لمواجهة ما يلاقيه من قومه، كما ورد في سورة الفرقان وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ، ففي قول "ورتلناه ترتيلاً" إشارة إلى أن تنزيله شيءًا فشيئًا ليتيسر الحفظ والفهم والعمل بمقتضاه[2].
                ثانيا: الرد على الشبهات التي يختلفها المشركون ودحض حججهم أولاً بأولٍ: وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا.
                ثالثا: تيسير حفظه وفهمه على النبي محمد وعلى أصحابه.
              رابعا: التدرج بالصحابة والأمة آنذاك في تطبيق أحكام القرآن، فليس من السهل على الإنسان التخلي عما اعتاده من عادات وتقاليد مخالفة للقيم والعادات الإسلامية مثل شرب الخمر.[3]
             خامسا: كان ينزل حسب الحاجة أي ينزل ليرد على أسئلة السائلين. أما المقدار الذي كان ينزل من القرآن على النبي محمد فيظهر من الأحاديث النبوية أنه كان ينزل على حسب الحاجة.
2. جمع القران
            يطلق جمع القران ويراد به عند العلماء أحد معنيين: الأول بمعنى حفظه وجماع القران بمعنى حفاظه، والثاني بمعنى كتابته كله، مفرق الايات والسور او مراتب الايات فقط.
            فجمع القران بمعنى حفظه على عهد النبي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مولعا بالوحي يترقب نزوله عليه بشوق فيحفظه ويفهمه، مصدقا لوعد الله: (إنا علينا جمعه وقرانه-القيامة 17). فكان بذلك أول الحفاظ، ولصحابته فيه الأسوة الحسنة، شغفا بأصل الدين ومصدر الرسالة، وقد نزل القران في بضع وعشرين سنة، فربما نزلت الاية المفردة وربما نزلت ايات عدة إلى عشر، وكلما نزلي اية حفظت في الصدور، ووعتها القلوب، والأمة العربية كان بسجيتها قوية الذاكرة، تستعيض عن أميتها في كتابة أخبارها واشعارها وأنسابها بسجل صدورها.[4]
            أما جمع القران بمنى كتابته على عهد النبي فكان اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا للوحي من أجلاء الصحابة، كعلي ومعاوية وزيد بن ثابت، فكلما تنزل الاية فيأمرهم بكتابتها ويرشدهم إلى موضعها من سورتها، حتى تظاهر الكتابة في السطور والجمع في الصدور. فكان منهم يخطون في العسب، واللحاف[5]، والكرانيف، والرقاع[6]، والأقتاب[7]، وقطع الأديم، والأكتاف[8]. وكان الصحابة يعرضون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لديهم من القران حفظا وكتابة كذلك.
            وهذا يدل على مدى المشقة التي كان يتحملها الصحابة في كتابة القران حيث لم يتيسر لهم ادوات الكتابة إلا بهذه الوسائل، فأضافوا الكتابة إلى الحفظ.


نفس المرجع، ص.25[1]
المرجع السابق، مناع قطان، ص.107[2]
المرجع السابق، ص.108[3]
المرجع السابق، مناع قطان، ص.123[4]
العسب: جمع عسيب وهو جريد النخل. اللحاف: جمع لحفة وهي صفائح الحجارة[5]
الكرانيف: جمع كرنافة وهي أصول السعف الغلاط. الرقاع: جمع الرقعة وقد تكون من جلد أو ورق[6]
الاقتاب: جمع قتب وهو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه[7]
اكتاف: جمع كتف وهو العظم الذي للبعير او الشاة، كانوا إذا جف كتبوا عليه[8]




ترتيب الايات والسور
            القران سور وايات منها القصار والطوال، والأية هي الجملة من كلام الله المندرجة في سورة من القران، والسورة هي الجملة من ايات القران ذات المطلع والمقطع. وكان ترتيب القران الكريم توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حكى العلماء بالإجماع على ذلك.[1]
            أما ترتيب السور فاختلف العلماء عليه، فقيل أنه توقيفي، وقيل أنه باجتهاد من الصحابة بدليل اختلاف مصاحفهم في الترتيب، وقيل أيضا أن بعضها توقيفي وبعضها باجتهاد الصحابة. فلكل أراء لها حجتها وسيأتي بيانها عن قريب ولكن المعتمد ها هنا هي الأول، فكانت انها توقيفي كترتيب القران الكريم المنزل من لدنه.
د. القران في عهد الصحابة
         ويمكن تقسيم تاريخ القرآن إلى فترتين زمنيتين رئيسيتين: العهد النبوي، وهي فترة نزول الوحي عند المسلمين، وعهد الخلفاء الراشدين، وهي فترة حفظ القرآن وجمعه في مصحف واحد.[2]


المرجع السابق، مناع قطان، ص.145[1]
قسم المنهج الدراسي جامعة سونان أمبيل، علوم القران (سورابايا: مطبعة سونان امبيل، 2011م) ص.40[2]





أبي بكر الصديق
                قام أبو بكر بأمر الإسلام بعد رسوله صلى لله عليه وسلم، وواجهته أحداث جسام في ارتداد جمهرة العرب، فكانت غزوة أهل اليمامة سنة اثنتي عشرة للهجرة تضم عددا كبيرا من الصحابة القراء واستشهد في هذه الغزوة سبعون قارئا من الصجابة، فدخل على أبي بكر عمر ابن الخطاب وأشار عليه بجمعه وكتابته خشية الضياع.[1]
                وفي مباحث في علوم القران بيّن عنه مناع قطان بقول في كتابه تأكيدا على القول السابق:
 "عن زيد بن ثابت، قال: "أرسل إليِّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إنّ عمر أتاني، فقال: إنّ القتل استمرّ بقُرّاء القرآن، وإنّي أخشى أن يستمرّ القتل بالقُرّاء في المواطن، فيذهب كثيرٌ من القرآن، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال عمر: هو والله خير. فلم يزل يراجعني حتّى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنّك شابّ عاقل، لا نتّهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتتبّع القرآن فاجمعه - فوالله لو كلّفوني نقل جبلٍ من الجبال ما كان أثقل عليَّ ممّا أمرني به من جمع القرآن - قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتّى شرح الله صدري للذي شرح به صدر أبي بكر وعمر. فتتبّعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع غيره (لقد جاءكم رسول...) (التوبة 9: 128) حتّى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتّى توفّاه الله، ثمّ عند عمر حياته، ثمّ عند حفصة بنت عمر".[2]
                وقد عرفنا أن القران كان مكتوبا من قبل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم،    ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب. فأمر أبو بكر بجمعه في مصحف واحد مرتب الأيات والسور وأن تكون كتابته غاية من التثبيت مشتملة على   الأحرف السبعة التي نزل بها القران، فكان أبو بكر أول من جمع القران بهذه الصفة في مصحف، وإن وجدت مصاحف فردية عند بعض الصحابة كمصحف علي  ومصحف أبي ابن كعب ومصحف ابن مسعود، فإنها لم تكن على هذا النحو ولم تنل حظها من التحري والدقة والجمع والترتيب والاقتصار على ما لم تنسخ تلاوته والإجماع عليها بمثل ما نال مصحف أبي بكر.[3]
                فهذه هي الخصائص تميز بها جمع أبي بكر للقران، ويرى بعض العلماء أن تسمية القران بالمصحف نشأت منذ ذلك الحين في عهد أبي بكر بهذا الجمع. وعن علي قال:"أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر هو أولمن جمع كتاب الله".


نفس المرجع، ص.40[1]
المرجع السابق، مناع قطان، ص.126[2]
المرجع السابق، مناع قطان. ص.127[3]




1.   عهد عثمان ابن عفان
        اتسعت الفتوحات الإسلامية، وتفرق القراء في الأمصار، وأخذ أهل كل مصر عمن وفد عليهم قراءته، ووجوه القراءة التي يؤدون بها القران مختلفة باختلاف الأحرف التي نزل عليها، فكانوا إذا ضمهم مجمع أو موطن من مواطن الغزو عجب البعض من وجوه هذا الاختلاف، وقد يقنع بأنها جميعا مسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا لا يحول دون تسرب الشك للناشئة التي لم تدرك الرسول، فيدور الكلام حول فصيحها وأفصحها، وذلك يؤدي إلى الملاحات ان استفاض أمره ومرّ دورا عليه ثم إلى اللجاج والتأثيم، وتلك فتنة لا بد لها من علاج.[1]
        فلما كانت غزوة "أرمينية" وغزوة "أذربيجان" من أهل العراق، كان فيمن غزاهما "حذيفة بن اليمان"، فرأى اختلافا كثيرا في وجوه القراءة، وبعض ذلك مشوب باللحن، مع ألف كل لقراءته، ووقوفه عندها، وممارته مخالفة لغيره، وتكفير بعضهم الأخر، فحينئذ فزع إلى عثمان رضي الله عنه، وأخبره فيما رأى، وكان عثمان قد نمى إليه أن شيئا من ذلك الخلاف يحدث لمن يقرئون الصبية، فينشأ هؤلاء وبينهم من الاحتلاف ما بينهم، فأكبر الصحابة هذا الأمر مخافة أن ينجم عنه التحريف والتبديل، وأجمعوا أمرهم أن ينسخوا الصحف الأولى التى كانت عند إبي بكر، ويجمعوا الناس عليها بالقراءات الثابتة على حرف واحد، فأرسل عثمان إلى حفصة، فأرسلت إليه بتلك الصحف، ثم أرسل إلى زيد بن ثابت الأنصاري وإلى عبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام القريشين، فأمرهم أن ينسخواها في المصاحف وان يكتب ما اختلف فيه زيد مع رهط القريشين الثلاثة بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم.[2]
                روى البخاري عن أنس: "أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى.فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثمّ نردّها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن، فأكتبوه بلسان قريش، فإنّه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتّى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفةٍ ومصحفٍ أن يحرق. قال زيد: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنتُ أسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الاَنصاري:((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)) (الأحزاب 33: 23) فألحقناها         في سورتها في المصحف".[3]
                ولم ينتقد أحدٌ من المسلمين عثمان على جمعه المسلمين على قراءةٍ واحدةٍ ؛لأنّ اختلاف القراءة يؤدّي إلى اختلاف بين المسلمين لا تحمد عقباه، وإلى تمزيق صفوفهم وتفريق وحدتهم وتكفير بعضهم بعضاً، غاية ما قيل فيه هو إحراقه بقية المصاحف حتى سمّوه: حَرّاق المصاحف، حيث أصرّ البعض على عدم تسليم مصاحفهم كابن مسعود.
                وقد نقل في كتب أهل السنة تأييد أمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام) لما فعله عثمان من جمع المسلمين على قراءةٍ واحدةٍ، حيث أخرج ابن أبي داود في (المصاحف) عن سويد بن غفلة قال: قال عليّ رضي الله عنه: "لا تقولوا في عثمان إلاّ خيراً، فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلاّ عن ملاٍَ منّا" ؛ قال: "ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أنّ بعضهم يقول: إنّ قراءتي خيرٌ من قراءتك،         وهذا يكاد يكون كفراً". قلنا: "فما ترى؟" قال: "أرى أن يُجْمَع الناس على مصحف واحد، فلا تكون خرقة ولا اختلاف". قلنا: "فنعم ما رأيت"4!
                وبعد تأييد أمير المؤمنين (عليه السلام) وخيار الصحابة المعاصرين لهذا العمل، بدأ التحوّل تدريجياً إلى المصاحف التي بعث بها عثمان إلى الآفاق، فاحتلّت مكانها الطبيعي، وأخذت بأزمّة القلوب، وبدأت بقيّة المصاحف التي تخالفها في الترتيب أو التي كُتِب فيها التأويل والتفسير وبعض الحديث والدعاء تنحسر بمرور  الاَيام، أو تصير طعمة للنار، حتّى أصبحت أثراً بعد عين، وحفظ القرآن العزيز عن  أن يتطّرق إليه أيّ لبس.


ابن القيم الجوزي، التبيان في علوم القران (بيروت: دار الفكر)، ص.33[1]
نفس المرجع، ص.34[2]
المرجع السابق، مناع قطان. ص.133[3]



 
عهد علي ابن أبي طالب
            لما ولّى على ابن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة، كان للقران تقدم وتطور جديد لدخول كثير من الناس إلى الإسلام أفواجا ومعظمهم أعجمي اي سوى العربي، وهذا يؤدي إلى عدم الفهم نحو القران المكتوب باللغة العربية، لأن المصحف الموجود لم يكن معه علامات خاصة مثل الحركة والنقطة التي تفرق بين حرف مع الأخر.[1]
            فلهذا قام علي بالإشارة إلى أبي أسود الدؤلى بإنشاء قواعد اللغة العربية، ويظهر وراء ذلك علم النحو وإعراب القران الكريم وأيضا علم قراءت القران.
ه. القران في عهد التابعين
        إن اهتمام الصحابة وجودة كل منهم أصبحت صبغة خاصة نحو بناء تفسير القران في ذلك الحين، وبعد قبض الصحابة فتظاهر علماء في علوم القران من التابعين حيث تولدت وراءهم مدارس التفسير المنطلق إلى كل سجية الصحابة وجودتهم الذين كانوا مرجعا لتفسير تابعيهم.[2]
        وفي عصر التابعين ظهر ثلاثة لأنواع التفسير المأخوذة من ثلاثة مدارس الموجودة:
                أولا- مدرسة التفسير بمكة، الذي قام بتأسيسه صحابي جليل ابن عباس رضي الله عنه واستمر بعده كثير من تلاميذه من كبار التابعين.
                ثانيا- مدرسة التفسير بالمدينة، حيث قام أبي ابن كعب على تأسيسه وانضمّ معه كثير من الصحابي بالمدينة ثم استمرّ إلى تابعيهم.
                ثالثا- مدرسة التفسير بالكوفة، وكان ابن مسعود أول قائم لها مع العناية من لدن مالك العراق عمّار ابن يسير ثم بقام التابعين على استمراره.


المرجع السايق، قسم المنهج الدراسي. ص.23[1]
المرجع السابق، ص.24[2]




الباب الثالث
الاختتام
أ. الاستنتاج
                لقد تبيّن من ثنايا البحث أنّ جميع المزاعم التي تذرّع بها المتربصون بالإسلام للقول بتحريف القرآن الكريم والكيد بكتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي تكفلت العناية الربانيّة بحفظه وصيانته، قد ذهبت أدراج الرياح، وما هي إلاّ كرمادٍ بقيعةٍ اشتدّت به الريح في يومٍ عاصفٍ، من خلال الأدلة الحاسمة التي ذكرناها والتي تؤكّد عدم وقوع التحريف في الكتاب الكريم، وأنّه بقي وسوف يبقى بإذن الله مصوناً من كلِّ ما يوجب الشكّ والريب.
        الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان:
        يتبين لنا من النصوص أن جمع أبي بكر وجمع عثمان يختلف في الباعث والكيفية.
        فالباعث لدي أبي بكر رضي الله عنه لجمع القران خشية من ذهابه بذهاب حملته، حين استحر القتل بالقراء. فالباعث لدي عثمان كثرة الاختلاف في وجوه القراءة، حين شاهد هذا الاختلاف في الأمسار وخطأبعضهم بعضا.
        وكان جمع أبي بكر للقران نقلا لما كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب، وجمعا له في مصحف واحد مرتب الأية والسور، مقتصرا على ما لم تنسخ تلاوته، مشتملا على الأحرف السبعة التي نزل بها القران.
        وأما جمع عثمان كان ناسخا له على حرف واحد من الحروف السبعة حتى يجمع المسلمين على مصحف واحد، وحرف واحد يقرءون به دون ما عداه من الأحرف الستة الأخرى.
        ومن تلك النصوص يتبين لنا أن حفظة القران في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانو جمعا غفيرا، فإن الاعتماد على الحفظ في النقل من خصائص هذه الأمة، وانما لم يكتب القران في عهده مصحف لئلا يفضي إلى تغيره في كل وقت، فلهذا تأخرت كتابته إلى ان كمل نزول القران بموت المصطفي عليه الصلاة والسلام.
        وفي قول يسمى الجمع في عهد النبي سواء حفظا أم كتابة بالجمع الأول، والجمع في عهد أبي بكر الصديق بالجمع الثاني والجمع الثالث في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنهما.


ب. الخاتمة
ألف شكر ألقيناه على هذه التجربة المثمنة من حيث أننا في إحدى العوامل التربوية وهي التباشر مع المجتمع، لأننا ننطلق إلى معنى التربية الأصيلة وهي كل ما نرى وكل ما نسمع وكل ما نشعر وكل ما نحسّ وكل مل يحيط بنا من ثقافات وعادات وعقائد وتقاليد كلها يدخل في مفهوم التربية.
ولقد كان هذا البحث بعيدا من الصحة لما فيه من القصور، والتماس الاقتراحات في هذا مرجوة في إصلاح وإتمام ذلك التقصير.
والأخير نحث للإخوة جميعا على بذل الجهد للوصول إلى الغاية معا لا على التكويف أم التصويف، وعلى حسن التعاوت مع الأخرين في جميع الأعمال انطلاقا بأن الإنسان مدني بالطبع.




مراجع البحث
القطان، مناع خليل. مباحث في علوم القران، الجزء الأول .مصر:مكتبة المعارف للنشر والتوزيع،2000.

قسم المنهج الدراسي جامعة سونان أمبيل الإسلامية الحكومية.دراسة في علوم القران، الجزء الأول. سورابايا:مطبعة سونان أمبيل،2011.

الزرقاني، محمد عبد العظيم. مناحل العرفان في علوم القران، الجزء الأول. بيروت: دار الفكر الإسلامي،1966.

شهاب، محمد قريش. التاريخ ومقدمة في علوم القران. جاكرتا: مطبعة فردوس،1999.
المقدسي، أبو شامة. المرشد والوجيز. بيروت: دار الكتب العربية،1987.
الجوزي، ابن القيم. التبيان في علموم القران. بيروت: دار الفكر، 1997
 


1 komentar: